ملخص المقال
الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام هم: علي بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وأبو بكر الصديق وعثمان بن عفان، والزبير، وطلحة، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف.
قال ابن إسحاق في سيرته: كان أول من اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجته خديجة بنت خويلد، ثم كان أول رجل آمن به علي بن أبي طالب، ثم زيد بن حارثة، ثم أبو بكر الصديق رضي الله عنهم، ولما أسلم أبو بكر أسلم على يديه خمسة من كبار الصحابة: وهم عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وانطلقوا جميعًا حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرض عليهم الإسلام، وقرأ عليهم القرآن، فآمنوا وصلَّوا وصدَّقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآمنوا بما جاء من عند الله تعالى، فكان هؤلاء النفر الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام بعد السيدة خديجة رضي الله عنهم، وهم كالآتي.
1- علي بن أبي طالب
هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، أبو الحسن القرشي الهاشمي، أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وهو ابن عم النبي وصهره، وأمه فاطمة بنت أسد، ولد بمكة سنة 600م، وأسلم وهو ابن عشر سنين، وقيل: ثمان، وقيل: خمس عشرة، فكان أول الناس إسلامًا بعد السيدة خديجة، استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم حين هاجر إلى المدينة أن يقيم بعده بمكة أيامًا يؤدي عنه أمانته وودائعه ففعل ذلك، ثم لحق بالنبي صلى الله عليه وسلم مهاجرًا إلى المدينة.
كان علي رضي الله عنه من أكابر الخطباء والعلماء بالقضاء، وشهد بدرًا، وأحدًا والخندق وبيعه الرضوان وجميع المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تبوك، وتولي الخلافة بعد مقتل عثمان ابن عفان في السنة الخامسة والثلاثين من الهجرة، وفي عهده كانت وقعتا الجمل وصفين، وأقام في دار خلافته بالكوفة إلى أن قتله عبد الرحمن بن ملجم سنة 40هـ= 661م وهو ابن ثلاث وستين سنة[1].
قصة إسلام علي بن أبي طالب
قصة إسلام علي رضي الله عنه: أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم ومعه خديجة رضي الله عنها وهما يصليان سواء، فقال علي: ما هذا؟ فقال رسول الله "دين الله الذي اصطفاه لنفسه وبعث به رسله، فأدعوك إلى الله وحده لا شريك له وإلى عبادته والكفر باللات والعزى"، فقال علي رضي الله عنه: هذا أمر لم أسمع به من قبل اليوم، فلست بقاض أمرًا حتى أحدّث أبا طالب، وكره رسول الله أن يفشي سرّه قبل أن يستعلن أمره، فقال له: "يا علي إذا لم تسلم فاكتم هذا"، فمكث علي تلك الليلة، ثم إن اللَّه تبارك وتعالى أوقع في قلبه الإسلام فأصبح غاديًا إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه فأسلم على يديه[2].
2- زيد بن حارثة
هو زيد بن حارثة بن شراحيل ابن عبد العزى الكلبي، ويقال له: زيد الحب، وأمه: سعدى بنت ثعلبة ابن عبد عامر، وهو صحابي جليل وأول من أسلم بعد علي بن أبي طالب، وقد أُختطف في الجاهلية وهو صغيرًا، فاشترته خديجة بنت خويلد ولما تزوجها الرسول الله صلى الله عليه وسلم وهبته له، فتبناه النبي وأعتقه وزوجه بنت عمته زينب بنت جحش، وكان الناس يدعوه زيد بن محمد حتى جاء الإسلام ونزلت آية "ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ" [الأحزاب: 5] فدعي يومئذ زيد بن حارثة، وهو من أقدم الصحابة إسلاما، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يبعثه في سرية إلا أمره عليها، وكان يحبه ويقدمه، وجعل له الإمارة في غزوة مؤتة، فاستشهد فيها[3].
3- أبو بكر الصديق
هو عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر ابن كعب التيمي القرشي، أبوبكر: أول الخلفاء الراشدين، وأول من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم من الرجال، ولد بمكة سنة 573م أي بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر تقريبًا، ونشأ سيدًا من سادات قريش وأغنيائهم، وكانت العرب تلقبه بعالم قريش لعلمه بأنسابها وأخبارها، وحرم على نفسه الخمر في الجاهلية فلم يشربها، قيل: لُقب بالصديق في الجاهلية، وقيل: في الإسلام لتصديقه النبي صلى الله عليه وسلم في خبر الإسراء، وكانت له مواقف كبيرة مع النبي صلى اللَّه عليه وسلم فصحبه قبل البعثة واستمر معه طول إقامته بمكة ورافقه في الهجرة وفي الغار وفي المشاهد كلها فشهد الحروب واحتمل الشدائد وبذل الأموال، وهو أول العشرة المبشرين بالجنة.
بويع أبو بكر رضي الله عنه بالخلافة يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في السنة الحادية عشرة من الهجرة فحارب المرتدين والممتنعين من دفع الزكاة، وافتتحت في أيامه بلاد الشام وقسم كبير من العراق، وكان رضي الله عنه موصوفًا بالحلم والرأفة بالعامة، كانت مدة خلافته سنتان وثلاثة أشهر ونصف شهر، وتوفي في المدينة سنة 13هـ= 634م وهو ابن ثلاث وستين سنة[4].
قصة إسلام أبو بكر الصديق
أما قصة إسلام أبو بكر الصديق تتجسد فيما رواه البيهقي أنَّ أبا بكر رضي اللَّه تعالى لقي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال: أحق ما تقول قريش يا محمد من تركك آلهتنا وتسفيهك عقولنا وتكفيرك إيانا؟ فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: بلى إني رسول اللَّه ونبيّه بعثني لأبلّغ رسالته، وأدعوك إلى اللَّه بالحق، فو الله إنه لحقّ فأدعوك يا أبا بكر إلى الله وحده لا شريك له ولا تعبد غيره والموالاة على طاعته، وقرأ عليه القرآن فلم يعزّ ولم ينكر بل أسلم وكفر بالأصنام وخلع الأنداد وأقرّ بحق الإسلام[5].
4- عثمان بن عفان
هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية، من قريش: أمير المؤمنين، ذو النورين، ثالث الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، يكنى أبا عبد الله، وقيل: أبو عمرو، ولد بمكة سنة 577م، وكان غنيًا شريفًا في الجاهلية، وأسلم بعد البعثة بقليل، وكان ممن هاجر إلى الحبشة الهجرتين، ومن أعظم أعماله في الإسلام تجهيزه نصف جيش العسرة بماله.
تقلد عثمان بن عفان الخلافة بعد وفاة عمر بن الخطاب في السنة الثالثة والعشرين من الهجرة وافتُتحت في أيامه أرمينية والقوقاز وخراسان وكرمان وسجستان وإفريقية وقبس، وأتم جمع القرآن الذي بدأه أبو بكر، وهو أول من أمر بالأذان الأول يوم الجمعة، قتل على يد وفود الكوفة والبصرة ومصر صبيحة عيد الأضحى في سنة 35هـ= 656م بالمدينة، وكان حينئذ عمره اثنتين وثمانين سنة، وقيل: ست وثمانون سنة[6].
5- الزبير بن العوام
هو الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي القرشي، أبو عبد الله، وأمه صفية بنت عبد المطلب بن هاشم، وهو ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم وحواريه، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وأول من سل سيفه في الإسلام، ولد سنة 594م، وأسلم وهو ابن ست عشرة سنة، وقيل: خمس عشرة سنة، وقيل: غير ذلك، فكان رابعًا أو خامسًا في الإسلام.
شهد الزبير بن العوام بدرًا وأحدًا وغيرهما، وشهد الجابية مع عمر بن الخطاب، كما شهد فتح مصر، وكان غنيًا كثير المتاجر، قتل على يد ابن جرموز بوادي السباع في موقعة الجمل سنة 36هـ= 656م، كان عمره عندئذ سبعًا وستين سنة، وقيل: ست وستون[7].
6- سعد بن أبي وقاص
هو سعد بن أبي وقاص مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، يكنى أبا إسحاق وأمه حمنة بنت سفيان بن أمية، ولد سنة 600م، وأسلم قديمًا وهو ابن سبع عشرة سنة وهاجر إلى المدينة، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله فشهد بدرًا وفتح القادسية والعراق، ومدائن كسرى، ويقال له: فارس الإسلام.
نزل الكوفة وظل واليًا عليها مدة عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، ثم عُزل عنها وعاد إلى المدينة حتى توفي، واخُتلف في تاريخ وفاته والمشهور أنه توفي سنة 55هـ= 675م، في قصره بالعقيق وحُمل إلى المدينة ودفن بالبقيع، وصلى عليه مروان بن الحكم، وكان يوم مات ابن بضع وسبعين سنة وهو آخر العشرة المبشرين بالجنة وفاة وكان قد فقد بصره[8].
7- طلحة بن عبيد الله
هو طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، أبو محمد، القرشي التيمي، وأمه الصعبة بنت عبد الله الحضرمية، ولد سنة 596م وكان من دهاة قريش ومن علمائها، أسلم على يد أبو بكر فكان أحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، سماه النبي الله صلى الله عليه وسلم بطلحة الخير، وطلحة الفياض، وطلحة الجود، ودعاه مرة بالصبيح المليح الفصيح، شهد أحدًا وما بعدها من المشاهد، وبايع بيعة الرضوان، وكانت له تجارة وافرة مع العراق، قتل يوم موقعة الجمل سنة 36هـ= 656م ودفن بالبصرة وكان عمره حينئذ ستين سنة[9].
8- عبد الرحمن بن عوف
هو عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث، أبو محمد، الزهري القرشي، ولد بعد الفيل بعشر سنين، أي تقريبًا ما يوافق سنة 580م،كان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة، وقيل: عبد عمرو، أسلم مبكرًا فكان أحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وبعد إسلامه سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن، شهد بدرًا وأحدًا، فجرح فيها إحدى وعشرين جرحًا، وسقط منه ثنيتاه، وشهد الخندق وبيعة الرضوان وسائر المشاهد، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد المهاجرين الأولين، وهاجر الهجرتين، وكان يحترف التجارة والبيع والشراء، فاجتمعت له ثروة كبيرة، ولما حضرته الوفاة أوصى بألف فرس وبخمسين ألف دينار في سبيل الله، توفي في المدينة سنة 32ه= 652م وعاش اثنتين وسبعين سنة، وقيل: خمس وسبعين، وقيل: ثمانية وسبعين[10].
[1] ابن سعد: الطبقات الكبرى، 6/ 91، أبو القاسم بن الفراء: تجريد الأسماء والكنى، تحقيق: شادي بن محمد بن سالم آل نعمان، مركز النعمان للبحوث والدراسات الإسلامية وتحقيق التراث والترجمة، اليمن، الطبعة الأولى، 1432هـ= 2011م، 2/ 107، ابن الأثير: أسد الغابة، 4/ 88- 117، والذهبي: سير أعلام، راشدون/ 225- 290، الطيب بامخرمة: قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر، 1/ 323- 325، والزركلي: الأعلام، 4/ 295.
[2] الصالحي الشامي: سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد، تحقيق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، الشيخ علي محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1414هـ= 1993م، 2/ 301.
[3] ابن هشام: السيرة النبوية، تحقيق: مصطفى السقا، مكتبة مصطفى البابي الحلبي، بمصر، الطبعة الثانية، 1375هـ= 1955م، 1/ 247- 249، وابن الجوزي: صفة الصفوة، 1/ 143- 145، وابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلى محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1415هـ، 2/ 494- 498، والزركلي: الأعلام، 3/ 57.
[4] ابن سعد: الطبقات الكبرى، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1410هـ= 1990م، 3/ 125- 151، والطبري: تاريخ الرسل والملوك، دار التراث – بيروت، الطبعة الثانية، 1387هـ، 3/ 419- 434، وابن الجوزي: صفة الصفوة، تحقيق: أحمد بن علي، دار الحديث، القاهرة، مصر، 1421هـ= 2000م، 1/ 89- 101، وابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلى محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1415هـ، 4/ 144- 150، والزركلي: الأعلام، دار العلم للملايين، الطبعة الخامسة عشر2002م، 4/ 102، 202.
[5] البيهقي: دلائل النبوة للبيهقي، تحقيق: عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية، دار الريان للتراث، الطبعة الأولى، 1408هـ= 1988م، 2/ 164.
[6] ابن سعد: الطبقات الكبرى تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1410 هـ= 1990م، 3/ 39- 61، والطبري: تاريخ الرسل والملوك، دار التراث، بيروت، الطبعة الثانية، 1387ه، 4/ 365- 423، وابن الجوزي: صفة الصفوة، تحقيق: أحمد بن علي، دار الحديث، القاهرة، مصر، 1421هـ= 2000م، 1/ 110- 115، وابن الأثير: أسد الغابة، تحقيق: علي محمد معوض، عادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1415ه= 1994م، 3/ 578، والزركلي: الأعلام، 4/ 210.
[7] ابن عساكر: تاريخ دمشق لابن عساكر، تحقيق: عمرو بن غرامة العمروي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 1415هـ= 1995م، 18/ 332- 438، وابن الأثير: أسد الغابة، 2/ 307، والذهبي: تاريخ الإسلام، تحقيق: بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى، 2003م، 2/ 279، والزركلي: الأعلام، 3/ 43.
[8] ابن سعد: الطبقات الكبرى، 6/ 92، وابن عساكر: تاريخ دمشق، 20/ 280- 373، والمزي: تهذيب الكمال في أسماء الرجال، تحقيق: بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى، 1400هـ= 1980م، 10/ 309- 314، والزركلي: الأعلام، 3/ 87.
[9] ابن سعد: الطبقات الكبرى، 3/ 160- 169، وابن عساكر: تاريخ دمشق، 25/ 54- 125، وابن الأثير: أسد الغابة، 3/ 84، والمزي: تهذيب الكمال في أسماء الرجال، 13/ 412- 424، والزركلي: الأعلام، 3/ 229.
[10] الذهبي: تاريخ الإسلام، 2/ 210، وابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلى محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1415ه، 4/ 290- 293، والطيب با مخرمة: قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر، 1/ 291، 292، والزركلي: الأعلام، 3/ 321.
التعليقات
إرسال تعليقك