التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
بعد بناء إبراهيم وإسماعيل للكعبة، عاش في مكة حول الكعبة قبيلة جرهم القحطانية، وإسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.
بعد بناء إبراهيم وإسماعيل للكعبة، عاش في مكة حول الكعبة قبيلة جرهم القحطانية، وإسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.
قبيلة جرهم، واللغة العربية، ونشأة العرب المستعربة:
قبيلة جرهم من القبائل اليمنية القحطانية التي هاجرت من اليمن بسبب ظروف اقتصادية إلى الشمال، وخاصة بالقرب من مكة، وكانت تتكلَّم اللغة العربية، لكن أول من تكلَّم اللغة العربية على الأغلب يعرب بن قحطان. جرهم من العرب العاربة.
زواج إسماعيل من جرهم، ونشأة العرب المستعربة:
روى البخاري عن ابن عباس: ".. وَشَبَّ الغُلاَمُ وَتَعَلَّمَ العَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ، وَأَنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ، فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ، وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَمَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ..".
إذا كان يعرب بن قحطان هو أول المتكلِّمين بالعربية، فإسماعيل -كما قال المناوي- هو من جوَّد فيها وبيَّن أحكام الفصاحة[1].
أو كما قال الزبيدي في تاج العروس: ".. وإِسْمَاعيل هُوَ أَوّلُ مَنْ نطق بالعَرَبِيَّة الخَالصَة الحِجَازِيَّة الَّتِي أُنْزِلَ عَلَيْهَا القُرآنُ"[2].
تقسيمات العرب غير متَّفق عليها من عامة المؤرخين وعلماء الأنساب
واشتُهر منها التقسيمة الآتية:
عرب بائدة: مثل عاد، وثمود، والعمالقة، وجرهم الأولى، وكلهم باد قبل الإسلام.
وعرب عاربة: هؤلاء قحطانيون يمنيون، ومنهم ملوك اليمن، ومملكة معين، وسبأ، وحمير، وهاجر بعضهم قديمًا إلى أجزاء مختلفة من الجزيرة العربية، مثل الأزد الذين تفرع منهم الأوس والخزرج، ومنهم الجراهمة الذين اتَّجهوا إلى ناحية مكة. يمكن أن نقول إذن العرب العاربة هم القحطانيون في قول كثير من المؤرخين.
العرب المستعربة: هم أبناء إسماعيل عليه السلام الذين كانوا من أصل غير العرب، ولكنهم اختلطوا بالعرب (جرهم) عن طريق المصاهرة، وتعلَّموا منهم العربية.
عروبة إسماعيل وأولاده:
صار إسماعيل عليه السلام عربيًّا من ناحية اللغة؛ لأن أصله العرقي ليس عربيًّا، وهو على الأغلب كلداني (من بابل العراقية) كأبيه إبراهيم (مختلف في أصل إبراهيم: الأهواز، وكوثي بالعراق، وحرَّان، ودمشق)، وصار أولاده عربًا من ناحيتين: اللغة العربية كأبيهم، والعرق تبعًا لأمهم الجرهمية.
كيف كان يتواصل إبراهيم عليه الصلاة والسلام مع إسماعيل؟
كان إبراهيم عليه السلام ليس عربيًّا، بل كان يتكلَّم السُرْيانية، أما زوجته هاجر كانت مصرية تتكلم لغة أهلها، والسُريانية على الأغلب كانت موجودة قبل العربية التي تكلَّم بها يعرب، أي أنها أقدم، بل السريانية هي لغة الإنجيل، بينما العبرانية لغة التوراة، وقيل إن السريانية كانت لغة آدم الأولى، وبعدها تكلَّم العربية، وقيل العكس، واللغة السريانية ما زالت موجودة ببعض مناطق سوريا والعراق.
كان إبراهيم عليه السلام إما يتواصل مع إسماعيل بلغته السُريانية، وإما يتكلَّم العربية بشكل أو آخر: الحاكم عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُلْهِمَ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَذَا اللِّسَانَ الْعَرَبِيَّ إِلْهَامًا»[3].
الذي كان يتكلَّم العربية من الأنبياء خمسة:
روى الفاكهي بِسَنَدِهِ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ من الْأَنْبِيَاء خَمْسَة من تكلم بِالْعَرَبِيَّةِ مُحَمَّد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واسماعيل بن إبراهيم، وَشُعَيْب، وَصَالح، وَهود، وسائرهم بالسُّرْيَانيَّة، مَا خلا مُوسَى فَإِنَّهُ تكلم بالعبرانية، والعبرانية هِيَ من السريانية تكلم بهَا إبراهيم، ثمَّ إِسْحَاق، ثمَّ يَعْقُوب، فورثه وَلَده من بعده بَنو اسرائيل فَهِيَ لغتهم، وَبهَا قَرَأَ مُوسَى التَّوْرَاة عَلَيْهِم[4].
بئر زمزم
بئر زمزم ليس هو البئر الوحيد في المنطقة، لكنه أقرب الآبار إلى بيت الله الحرام، حفره جبريل عليه السلام، وصار هو النجاة لهاجر وابنها إسماعيل، وهو الذي جلب الحياة لهذه البقعة، حيث جذب قبيلة جُرْهُم التي كانت تبحث عن المرعى[5].
[1] المناوي: فيض القدير، 2/ 161.
[2] الزبيدي: تاج العروس، 3/ 352.
[3] الحاكم في المستدرك (3315) والتعليق من تلخيص الذهبي على شرط مسلم.
[4] الفاكهي: أخبار مكة، 5/ 130، ولم يذكر المحقق تعليقًا بالتصحيح أو التضعيف.
[5] مشاهدة الحلقة على اليوتيوب اضغط هنا: الكعبة في عهد إسماعيل عليه السلام
التعليقات
إرسال تعليقك