التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
البوذية هي فلسفة وضعية انتحلت الصبغة الدينيَّة، أسسها بوذا وبعد موته تحوَّلت إلى معتقدات باطلة ذات طابعٍ وثني، ولقد غالى أتباعها في مؤسِّسها حتى
البوذية هي فلسفة وضعية انتحلت الصبغة الدينيَّة، وقد ظهرت في الهند بعد الديانة البرهمية الهندوسية في القرن الخامس قبل الميلاد. وكانت في البداية تُناهض الهندوسية، وتتَّجه إلى العناية بالإنسان، كما أنَّ فيها دعوة إلى التصوُّف والخشونة، ونبذ الترف، والمناداة بالمحبَّة والتسامح وفعل الخير. وبعد موت مؤسِّسها تحوَّلت إلى معتقدات باطلة، ذات طابعٍ وثني، ولقد غالى أتباعها في مؤسِّسها حتى ألَّهوه.
وهي تُعتبر نظامًا أخلاقيًّا ومذهبًا فكريًّا مبنيًّا على نظريَّاتٍ فلسفيَّة، وتعاليمها ليست وحيًا؛ وإنَّما هي آراءٌ وعقائد في إطارٍ ديني. وتختلف البوذيَّة القديمة عن البوذيَّة الجديدة في أنَّ الأولى صبغتها أخلاقيَّة، في حين أنَّ البوذية الجديدة هي تعاليم بوذا مختلطة بآراء فلسفيَّة وقياسات عقليَّة عن الكون والحياة [1].
عقائد البوذية
تشتمل عقائد البوذية وأفكارها وتعاليمها على خرافاتٍ كثيرة، وأباطيل عديدة، ومتناقضات شتَّى، فمِن ذلك:
1- الإلحاد: فقد كان بوذا في أوَّل دعوته لا يتكلَّم عن الألوهيَّة، ويتحاشى الخوض في أمور الغيب، ثم تحوَّل بعد ذلك إلى محاربة الاعتقاد بوجود الله، وصار يُنادي بالإلحاد.
2- يعتقد البوذيُّون أنَّ بوذا هو ابن الله، وهو المخلِّص للبشريَّة من مآسيها وآلامها، وأنَّه يتحمَّل عنهم خطاياهم.
3- يقولون: قد دلَّ على ولادة بوذا نجمٌ ظهر في أفق السماء، ويدعونه (نجم بوذا).
4- يقولون: لمـَّا وُلِد بوذا فرحت جنود السماء، ورتَّلت الملائكة أناشيد المحبَّة للمولود المبارك.
5- يقولون بقانون الجزاء، وإنكار البعث واليوم الآخر؛ فهم يرون أنَّ الإنسان لا بُدَّ له من الجزاء على أعماله خيرًا وشرًّا، لكنَّهم يرون ذلك يحدث في الحياة الدنيا، لذلك فهم يُنكرون البعث، ويُنكرون الجنَّة والنَّار.
6- يعتقدون أنَّ هيئة بوذا قد تغيَّرت في آخر أيَّامه؛ حيث نزل عليه نورٌ أحاط برأسه، وأضاء من جسده نورٌ عظيم؛ فقال الذين رأوه: ما هذا بشرًا إنْ هو إلَّا إلهٌ عظيم.
7- يُصلِّي البوذيُّون لبوذا، ويعتقدون أنَّه سيُدْخِلهم الجنَّة، وتُؤَدَّى الصلاةُ عندهم في اجتماعاتٍ يحضرها كثيرٌ من أتباعه.
8- لمـَّا مات بوذا قال أتباعه: صعد إلى السماء بجسده بعد أن أكمل مهمَّته على الأرض.
9- يقولون بتناسخ الأرواح: وذلك ناتجٌ عن كفرهم باليوم الآخر؛ حيث قادهم ذلك إلى القول بتناسخ الأرواح؛ فهم يعتقدون أنَّ من مات انتقلت روحه إلى حيٍّ جديد؛ فإذا مات الثاني انتقلت إلى الثالث، وهكذا إلى ما لا نهاية له؛ ثم يزعمون -بناءً على قانون الجزاء- أنَّ الروح تلقى جزاءها من النعيم أو الشقاء أثناء تنقُّلها من جسمٍ إلى جسم.
وهذا الاعتقاد سرى إلى كثيرٍ من الأديان والفرق التي تقول بالتناسخ.
10- يؤمنون برجعة بوذا ثانيةً إلى الأرض؛ ليُعيد السلام والبركة إليها.
11- في تعاليم بوذا الدعوة إلى المحبة، والتسامح، والتعامل بالحسنى، والتصدُّق على الفقراء، وترك الغنى والترف، وحمل النفس على التقشُّف والخشونة، وفيها تحذيرٌ من النساء، والمال، وترغيبٌ في البعد عن الزواج.
12- ويرى بوذا أنَّ أساس التديُّن هو التأمُّل ومقاومة النزعات، وقد وضع أربع حقائق أساسيَّة في زعمه وهي:
أ - الحياة هي العناء.
ب - الشهوات هي أصل هذا العناء.
جـ - يتوقَّف العناء عندما تتوقَّف الشهوات.
د - إبطال الشهوات، ويتمُّ باتِّباع ما سمَّاه بالصراط النبيل، ويقوم هذا الصراط على توافر الصحَّة، والصواب في الاعتقاد، والعزم، والقول، والسلوك، والمهنة التي تُتَّخذ لكسب العيش، والجهد، والتأمل الفكري والروحي.
وبهذه الذاتيَّة الروحيَّة الفكريَّة السلوكيَّة يصل إلى النرفانا وهي السعادة القصوى، وعندها تبطل الشهوات، والعواطف ويتوقَّف تناسخ الأرواح؛ فالبوذي السعيد هو الذي ينجو من الدوران في محيط الولادة والموت؛ إذ يصل إلى النرفانا حيث لا ولادة ولا موت، وهذه المرحلة هي انعدام التناسخ الذي هو من ضرورات النفس الشقيَّة.
ويُروَى أنَّ بوذا توصَّل إلى ذلك خلال ستِّ سنواتٍ من تحمُّل العناء ورياضة النفس، وأنَّه أنفق السنوات الخمس والأربعين الباقية من عمره في تعليم ما انتهى إليه من تجربته.
فالنرفانا إِذَنْ يبلغها البوذي بعد أن يُحطِّم جميع القيود والأغلال التي تُقيِّد نفسه، وتمنعها من إدراك الحقائق، ويعرض عن شهوة البقاء، ويتملَّكُه عقلٌ هادئٌ مطمئنٌّ لا يتسرَّب إليه الخطأ، ويتجرَّد عن كلِّ الأماني والرغبات والجهالات وأسباب الخديعة والإغراء.
بعد هذا كلِّه يبلغ البوذي طور النرفانا.
وقد قيل: إنَّ النرفانا هي الاتحاد بالإله، ولكن البوذيَّة لا تعرف إلهًا.
13- التسوُّل والبطالة: فمِنْ تعاليم البوذيَّة أنَّها تُوصي أتباعها بالتخلِّي عن أموالهم وعقاراتهم وحرفهم، وتوصيهم بمدِّ اليد للآخرين بالتسوُّل والاستجداء؛ فهم يعيشون على البطالة والكسل.
وهذه تعاليمُ لا تستقيم معها الحياة، ولا ترتقي بها الأمم بخلاف الإسلام؛ فإنَّه دينٌ يأمر بالعمل والنشاط والقوَّة، وينهى عن الكسل والبطالة.
هذه نبذةٌ عن عقائد البوذيَّة، ويُلاحظ التشابه الكبير بينها وبين النصرانيَّة ممَّا يُؤكِّد تأثُّر النصرانيَّة بها في كثيرٍ من المعتقدات [2].
الجانب الأخلاقي في الديانة البوذية
في تعاليم بوذا دعوة إلى المحبة والتسامح، والتعامل بالحسنى، والتصدُّق على الفقراء، وترك الغنى والترف، وحمل النفس على التقشف والخشونة، وفيها تحذير من النساء والمال، وترغيب في البعد عن الزواج.
يجب على البوذيِّ التقيد بثمانية أمور حتى يتمكَّن من الانتصار على نفسه وشهواته:
1- الاتجاه الصحيح المستقيم الخالي من سلطان الشهوة واللَّذَّة، وذلك عند الإقدام على أيِّ عمل.
2- التفكير الصحيح المستقيم الذي لا يتأثَّر بالأهواء.
3- الإشراق الصحيح المستقيم.
4- الاعتقاد المستقيم الذي يصحبه ارتياح واطمئنان إلى ما يقوم به.
5- مطابقة اللسان لِمَا في القلب.
6- مطابقة السلوك للقلب واللسان.
7- الحياة الصحيحة التي يكون قوامها هجر اللَّذَّات.
8- الجهد الصحيح المتَّجه نحو استقامة الحياة على العلم والحقِّ وترك الملاذ.
في تعاليم بوذا أنَّ الرذائل ترجع إلى أصولٍ ثلاثة
1- الاستسلام للملاذِّ والشهوات.
2- سوء النيَّة في طلب الأشياء.
3- الغباء وعدم إدراك الأمور على وجهها الصحيح.
من وصايا بوذا
لا تقضِ على حياة حي، لا تسرق ولا تغتصب، لا تكذب، لا تتناول مُسْكِرًا، لا تزنِ، لا تأكل طعامًا نضج في غير أوانه، لا ترقص ولا تحضر مرقصًا ولا حفل غناء، لا تتَّخذ طبيبًا، لا تقتنِ فراشًا وثيرًا، لا تأخذ ذهبًا ولا فِضَّة.
ينقسم البوذيون إلى قسمين
1- البوذيُّون المتديِّنون: وهؤلاء يأخذون بكلِّ تعاليم بوذا وتوصيَّاته.
2- البوذيُّون المدنيُّون: هؤلاء يقتصرون على بعض التعاليم والوصايا فقط.
والناس في نظر بوذا سواسيةٌ لا فضل لأحدٍ إلَّا بالمعرفة، والسيطرة على الشهوات.
وقد احتفظت البوذية ببعض صورها الأولى في منطقة جنوب آسيا، وخاصَّةً في سيلان وبورما، أمَّا في الشمال وعلى الأخصِّ في الصين واليابان فقد ازدادت تعقيدًا، وانقسمت إلى مذهبين هما:
1- مذهب ماهايانا (مذهب الشمال) ويدعو إلى تأليه بوذا وعبادته وترسُّم خطاه.
2- مذهب هنايانا (مذهب الجنوب) وقد حافظ على تعاليم بوذا، ويعتبر أتباع هذا المذهب أنَّ بوذا هو المعلِّم الأخلاقي العظيم الذي بلغ أعلى درجةً من الصفاء الروحي.
وقد عبَّروا عن بلوغ النفس الكمال الأسمى والسعادة القصوى، وانطلاقها من أسر المادَّة، وانعتاقها من ضرورة التناسخ بالنيرفانا، وتعني الخلاص من أسر المعاناة والرغبة، واكتساب صفاء الدين والروح، والتحرُّر من أسر العبوديَّة واللَّذَّة، وانبثاق نور المعرفة عن طريق تعذيب النفس، ومقاومة النزعات، مع بذل الجهد والتأمُّل والتركيز الفكري والروحي، وهو هدف البوذية الأسمى.
كتب البوذية
كتبهم ليست منزَّلة، ولا هم يدَّعون ذلك؛ بل هي عباراتٌ منسوبةٌ إلى بوذا أو حكاية لأفعاله، سجَّلها بعض أتباعه، ونصوص تلك الكتب تختلف بسبب انقسام البوذيِّين؛ فبوذيُّو الشمال اشتملت كتبهم على أوهامٍ كثيرةٍ تتعلَّق ببوذا، أمَّا كتب الجنوب فهي أبعد قليلًا عن الخرافات.
تنقسم كتبهم إلى ثلاثة أقسام
1- مجموعة قوانين البوذية ومسالكها.
2- مجموعة الخطب التي ألقاها بوذا.
3- الكتاب الذي يحوي أصل المذهب والفكرة التي نبع منها.
وتعتمد جميع كتبهم على الآراء الفلسفيَّة ومخاطبة الخيال، وتختلف في الصين عنها في الهند؛ لأنَّها تخضع لتغيُّرات الفلاسفة.
شعار البوذية عبارة عن قوس نصف دائري وفي وسطه قائم ثالث على رأسه ما يُشبه الوردة، وأمام هذا التمثال صورة مجسَّمة لجرَّة الماء، وبجوارها فيلٌ يتربَّع عليه بوذا في لباسه التقليدي.
الجذور الفكرية والعقائدية
ليس هناك ما يُثبت أنَّ للبوذية جذورًا فكريَّةً أو عقائديَّة، إلَّا أنَّ الناظر في الديانات الوضعيَّة التي سبقتها أو عاصرتها يجد بينها وبين البوذية شبهًا من بعض الجوانب، مثل:
الهندوسية: في القول بالتناسخ والاتجاه نحو التصوُّف.
الكونفوشيوسية: في الاتجاه إلى الاعتناء بالإنسان، وتخليصه من آلامه.
وينبغي أن يُلاحظ التشابه الكبير بينها وبين النصرانية، خاصَّةً فيما يتعلَّق بظروف ولادة المسيح وحياته، والظروف التي مرَّ بها بوذا، ممَّا يُؤكِّد تأثُّر النصرانيَّة بها في كثيرٍ من معتقدات هذه الأخيرة [3].
مراجع للتوسع
- الملل والنحل جـ2، محمد بن عبد الكريم الشهرستاني.
- مقارنة الأديان (الديانات القديمة)، محمد أبو زهرة.
- في العقائد والأديان، د. محمد جابر عبد العال الحيني.
- المجلة العربية: مقال للدكتور محمد بن سعد الشويعر.
- المدخل إلى دراسة الأديان والمذاهب، للعميد عبد الرزاق أسود.
- أديان الهند الكبرى - أحمد شلبي.
- حضارة الهند - غوستاف لوبون.
- أديان العالم الكبرى - حبيب سعيد.
- دائرة معارف القرن العشرين - محمد فريد وجدي.
- الأديان والفرق والمذاهب المعاصرة - عبد القادر شيبة الحمد.
-Encyclopedia Britannica, Vol. 3 P. 369 – 414 (Press 1979).
الهوامش
[1] الندوة العالمية للشباب الإسلامي: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، إشراف ومراجعة: د. مانع بن حماد الجهني، دار الندوة العالمية، الطبعة: الرابعة، 1420هـ.
[2] محمد الحمد: رسائل في الأديان والفرق والمذاهب، ص40.
[3] الموسوعة الميسرة للندوة العالمية للشباب الإسلامي.
التعليقات
إرسال تعليقك