التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
في هذا المقال يُبيِّن الدكتور سليم طقوش تركيبة الجيش الفارسي وقت الفتوحات الإسلامية، ويحلل فيه طريقة تنظيمه وعتاده وأساليبه القتالية التي يتبعها في وقت
نَحَتِ الدولةُ الساسانية منذ بداية حياتها السياسيَّة منحًى توسُّعيًّا؛ بهدف إحياء الإمبراطورية الشرقيَّة التي قضى عليها الإسكندر المقدوني، وقد تطلَّب ذلك إنشاء جيشٍ منظَّمٍ وقوي، لذلك أدخل الملك أردشير الأوَّل طوائف الجند التي كانت تتبع صاحب الإقطاع في الجيش النظامي، والمعروف أنَّ الفرسان الدارعين يُشكِّلون القوَّة الضاربة في الجيش الفارسي، وأنَّ النصر يتوقَّف على مدى اندفاعهم وشجاعتهم في القتال، وبخاصَّةٍ الفرقة المعروفة بالخالدين وهي مؤلَّفة من عشرة آلاف فارس يُختارون من بين المجلِّين[1].
تتخذ الفيلة مكانها خلف الفرسان وكأنَّها حصون، وتُشكِّل عامل رعبٍ لخيل العدو، وعامل ثقةٍ لأفراد الجيش الفارسي، كما يُحمل عليها أبراجٌ من الخشب مشحونةٌ بالمقاتلين والسلاح ورماة النِّبال وحاملي الرايات، ويُقدِّمونها أحيانًا أمامهم، ويجعلون منها نواةً لفِرَقهم تلتفُّ حول كلِّ فيلٍ فرقةٌ من الجيش، وإذا ذُعر فيل أثناء المعركة وارتدَّ على جنود الفرس يُبادر الفيَّال إلى قتله[2].
شكَّل المشاة مؤخرة الجيش، وهم من أهل القرى يُستدعون إلى الحرب دون أجرٍ أو حافز، إنَّهم الحراثون الخاضعون للنِّظام الإقطاعي، يلبسون دروعًا من الخيزران المتشابك المغطَّى بجلدٍ غير مدبوغ[3]، وهم جنودٌ غير مهرة عادةً، يُولُّون الأدبار قبل أن يبدأهم العدو بحرب.
اعتمد الجيش الفارسي على المرتزقة أيضًا، وهم من الشعوب القاطنة في أطراف الدولة من الذين اشتهروا بالشدَّة في القتال، نذكر منهم: السجستانيُّون، الساجيُّون، القوقازيُّون، الديالمة وغيرهم.
يقود ملك الملوك-عادة- الجيش في المعارك، وينصب العرش الملكي وسط الجيش، ويُحيط به خدمه وحاشيته وفرقة من الجند المكلَّفة بحراسته.
واقتبس الفرس بعض الفنون العسكريَّة من الرومان، مثل: عمليَّات حصار القلاع، واستعمال المجانيق، والأبراج المتحركة، وآلات الحصار الأخرى التي كانت تُستعمل قديمًا، كما نفَّذوا أسلوب حرق المحاصيل الزراعيَّة حتى لا يستفيد العدو منها، وفَتْح السدود في الأراضي التي يخصبها الري حتى يغرق الوادي ويُوقف تقدُّم العدو، هذا ويُشترط بالقائد أن تتوفَّر فيه الصفات العسكريَّة الضروريَّة لإدارة الحرب والقدرة على وضع وتنفيذ الخطط العسكرية.
لم يكن الفرس شديدي البأس في الحرب، ولم يعتادوا القتال ببسالة إلَّا أن يكونوا على مسافةٍ بعيدةٍ من عدوِّهم، وإذا شعروا بأنَّ فرقهم تتراجع يتقهقرون مطلقين خلفهم سهامهم حتى يُخفِّفوا من مطاردة عدوِّهم لهم.
تعتمد الخطط العسكريَّة التي طبَّقها الساسانيُّون في القتال على الصدمة بأفواج منظَّمة من الفرسان الدارعين في صفوفٍ كثيفة، كما طبَّقوا نظام التعبئة القائم على المقدمة من الفرسان، والقلب الذي يرتاد أفراده مكانًا مشرفًا، والجناحين والمؤخرة من الرماة والمشاة، وهو نظام الزحف[4] من خلال تقسيم الجيش إلى كراديس، والواقع أنَّ هذا النظام العسكري لم يثبت أمام التعبئة الإسلامية القائمة على الكر والفر، والمعروف أنَّ المسلمين استعملوا -أيضًا- أسلوب الكراديس في القتال.
المصدر: كتاب تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] كريستنسن، آرثر: إيران في عهد الساسانيين، دار النهضة العربية، بيروت، ص198، 199.
[2] المرجع نفسه.
[3] كريستنسن: إيران في عهد الساسانيين، ص198، 199.
[4] ابن قتيبة، أبو محمد، عبد الله بن مسلم: عيون الأخبار: 1/112، وكريستنسن: إيران في عهد الساسانيين، ص206، 207.
التعليقات
إرسال تعليقك