د. راغب السرجاني
المشرف العام على الموقع
طبيب ومفكر إسلامي، وله اهتمام خاص بالتاريخ الإسلامي، رئيس مجلس إدارة مركز الحضارة للدراسات التاريخية بالقاهرة، صاحب فكرة موقع قصة الإسلام والمشرف عليه، صدر له حتى الآن 58 كتابًا في التاريخ والفكر الإسلامي.
ملخص المقال
سقوط الأندلس وأمل النصر مقال بقلم د. راغب السرجاني، يبين درسا مهما من دروس سقوط الأندلس.. فما هو هذا الدرس؟ وما أهمية الأمل في نصر الله؟
بعد الدرس الأول والوقوف على عوامل وأسباب سقوط الدول والحضارات، كان هذا الدرس الثاني، وهو ما نستقيه من تاريخ الأندلس؛ حيث إنه لا يغيب الأمل أبدًا في نصر الله، فإن الله دائمًا ما يُقَيِّض لهذه الأمة مَنْ ينصرها، ومَنْ يُجَدِّد لها أمر دينها.
وقد حدث مثل ذلك كثيرًا في تاريخ الأندلس، كان منه ما حدث في نهاية عهد الولاة، وذلك بقيام عبد الرحمن الداخل، ثم ما حدث -أيضًا- في نهاية الإمارة الأموية على يد عبد الرحمن الناصر.. وهكذا في كل عهد تجد مَنْ يجدِّد لهذه الأمة أمر دينها، تجد يوسف بن تاشفين، وتجد يعقوب المنصور الموحدي، وتجد يعقوب المنصور المريني، وغيرهم الكثير.
وقد يتساءل البعض قائلاً: لقد انتهى الإسلام من بلاد الأندلس بالكلية، فأين ذاك القيام الذي من المفترض أن يكون بعد هذا الانتهاء، ما دامت كانت قد جرت السُّنَّة على ذلك؟!
وفي معرض الردِّ على مثل هذا السؤال نسوق حدثًا في غاية الغرابة، فقد حدث قبل سقوط الأندلس الأخير بنحو أربعين سنة حادث عجيب، وأعجب منه هذا التزامن الذي فيه، فقد فُتحت القسطنطينية في سنة (857هـ/1453م) أي قبل سقوط الأندلس بأربعين عامًا، فكان غروب شمس الإسلام على أوربا من ناحية المغرب يزامنه شروق جديد عليها من ناحية المشرق، واستبدل الله هؤلاء الذين باعوا، وأولئك الذين خانوا من ملوك غرناطة في الأندلس بغيرهم من العثمانيين المجاهدين الفاتحين الأبرار، الذين فتحوا القسطنطينية وما بعدها، وقد بدأ الإسلام ينتشر في شرق أوربا انتشارًا أسرع وأوسع مما كان عليه في بلاد الأندلس وفرنسا.
وإنها -وايم الله- لآية من آيات الله عز وجل تبعث الأمل وتبثُّه في نفوس المسلمين في كل وقت وكل حين، مبشِّرة ولسان حالها: أمة الإسلام أمة لا تموت.
المصدر: كتاب (قصة الأندلس من الفتح إلى السقوط).
التعليقات
إرسال تعليقك