جروح نازفة
جروح نازفة
باتت الأمة ممزقة، وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، وتناحرت في ما بينها وتنازعت، فصارت الجروح شتى في البلاد، والنزيف يتزايد بين العباد، وهذه بوابة تهتم بملفات المسلمين والبلاد الإسلامية في العالم، التي تنزف الجراح من احتلال المعتدين، أو خلافات المتناحرين، حروب وانقسامات، وتدمير وإرهاب.. كل ذلك في جروح نازفة.
ملخص المقال
الأوضاع الآن في السودان الشقيق أبلغ من أي تعليق ولن تكون مذكرة اعتقال الرئيس السوداني عمر البشير آخر حلقات المسلسل
خاص: موقع قصة الإسلام
الأوضاع الآن في السودان الشقيق أبلغ من أي تعليق، فالبلد الأفريقي الأكبر جغرافيا يتعرض الآن لحملة تستهدف وحدته الوطنية في الصميم، والعرب والمسلمون في سبات عميق وكأنّ القضية لا تعنيهم ! ولن تكون مذكرة اعتقال الرئيس السوداني عمر البشير آخر حلقات المسلسل.. إذ أن الهدف هو السودان وليس البشير، وإنْ كان البشير يبدو في هيئة المقاتل الذي يتحدى القرار الدولي بزيارات متعددة لخارج السودان، ولكن مجرد طغيان القرار الانتقائي، والاستعداد الأممي لمساندته، دون توجيه مجرد اللوم لمجرمي الحرب في فلسطين والعراق ، وفي كشمير، والصومال وبورما والبلقان والشيشان وغيرها من مناطق مشتعلة ـ والذين لا يخالجنا شك في إجرامهم ـ ذلك يعد ضربة للسودان، وخطوة لتمزيقه، بل للدول الإسلامية التي يجمعها الوصف، وتفرقها الحدود الجغرافية الواقعية التي لا يستطيع المسلمون الآن التمرد عليها وإلا نالوا غضب سادة العالم ..
عن مستقبل الأوضاع السودانية كان لنا هذا الحوار مع الأستاذ خيري عمر الخبير في الشأن الأفريقي:
ـ هل تعتقد أن البشير سيقع في قفص الجنائية؟
من خلال قراءة المشاهد السياسية والتوازنات أقول: يمكن أن يحدث ذلك ولكن متى وكيف؟ من الصعب توقع ذلك الأمر.
ـ وما أثر ذلك على مستقبل السودان ؟
السودان دخل بهذا القرار إلى النفق المظلم، ليواجه تحديًّا خطيرًا يمسّ أمنه وسيادته، ويمس منطقة حرجة انتقالية ترجح حدوث حرب أهلية وتبديد عمليات السلام، مشددًا على أن القرارَ يضع السودان على محكٍّ خطيرٍ في مواصلة عملية السلام، وقد يُعجِّل بانهيار العملية برمتها وتفجير صراعات داخلية- على حدِّ تعبيره-.
ـ وماذا عن الوضع العربي نشعر أنه يميل إلى السلبية ؟
الوضع العربي الرسمي وغير الرسمي غير مؤهل للتعامل مع الأزمة، خاصةً أن الأزمةَ مطروحة منذ شهورعلى الساحة دون تحرّك جدّي من أحد، والسودان بات ينتظر رصاصة الرحمة لإنهاء الحالة الحالية في ظل الوضع الراهن، وأوضح أن السودان يحمل رؤية ثقافية وسياسية تخالف مشروع العولمة، وهناك صراع بين الرؤية العلمانية والإسلامية التي تُمثلها السودان للقرن الإفريقي، فالمسألة تصب أيضًا في إطار إعادة تركيب النظام السياسي السوداني، وإضعاف السودان بغرضِ نزعه من القلب العربي نحو إفريقيا، مشيرًا إلى أن الفترةَ القادمة ستشهد صراعاتٍ ومناوشاتٍ داخلية تستهدف تعريف السودان من جديدٍ بما يصبُّ في ترسيخها على النحو الإفريقي والتساؤل الآن يدور حول العلاقة بين العروبة والإفريقية في ظلِّ نظامٍ عربي ليستطيع الدفاع عن نفسه، مؤكدًا أن الجامعة العربية ستفشل في الدفاع عن مصالح أعضائها، وستكون السودان ضحيةَ الانقسام الدائر في الوطن العربي.
ـ ما هي أسباب ودوافع الحكومة السودانية لتوقيع اتفاق ماشاكوس؟ وما هي خفايا الدور الأميركي في إبرام الاتفاق وأبعاده ؟
فيما يتعلق بالجزء الأول من السؤال، يمكننا القول إن الدخول في مفاوضات مع الحركة الشعبية فى كينيا لم يكن هو التفاوض الأول، ولكن سبقته مفاوضات أبوجا فى 1992 ومبادرة الإيجاد في 1994، وكان اتفاق مشاكوس امتداداً لهذه المبادرة، ولكن مع تغير الظروف الدولية بدا كل من الولايات المتحدة والسودان والحركة الشعبية أكثر ميلا نحو التفاوض. وفيما يخص أهداف الحكومة السودانية من التوقيع على اتفاق مشاكوس والدخول في عملية نيفاشا، تتلخص في الآتي:
1- التسوية السلمية كانت ضمن أولويات الحكومة السودانية، ولكن المعارضة، سواء الشمالية أو الجنوبية، كانت حتى 2002 تميل إلى الحلول العنيفة عبر التسلح وشن حملات مسلحة على الحكومة السودانية انطلاقا من اريتريا وإثيوبيا وجنوب السودان، وكان هذا سببا فى تأخير التوصل لاتفاق لوقف الحرب الأهلية.
2- دخول السودان في أزمة ممتدة منذ الاستقلال فى يناير 1956، وبدء المرحلة الثانية من الحرب الأهلية فى 1983، ومع طول فترة الحرب لم يستطع أي من الأطراف حسم الحرب الأهلية لصالحة، وهو ما أرهق جميع أطراف الصراع.
3- أن المفاوضات تتم والحكومة تتمتع بوضع أفضل في مواجهة الحركة الشعبية، وذلك مقارنة بوضع ما قبل 1989، ومن هذا المنطلق رأت الحكومة أنه من الممكن تحقيق مكاسب من التفاوض. و يمكن القول: إن أمريكا لعبت دوراً مهما فى التحضير لجولات التفاوض والمسودات والتدخل في الصياغات النهائية، وبكلمة مختصرة نستطيع القول أن الولايات المتحدة هي مهندس كل البروتوكولات الست. والجانب الأكثر أهمية في الدور الأمريكى كان فى تحويل الملف السوداني لمنظمة الإيجاد وشركائها، وإبعاده عن أعين الدول العربية، وهذا ما يتطابق مع الأجندة الأمريكية وأجندة الحركة الشعبية، وبهذا المعنى تكونت تحالفات كان من نتيجتها توسيع الخيارات أمام الحركة الشعبية فى إدارة جنوب السودان، وتهميش الدول العربية وإبعادها عن المسرح السياسي.
ـ ما وجهة نظرك في الزيارة التي قام بها الرئيس المصري حسنى مبارك لجنوب السودان؟
الزيارة التي قام بها الرئيس مبارك للسودان كانت مهمة، ولكنها تأخرت كثيراً ، وبشكل عام هناك جهود مصرية تجاه جنوب السودان ولكنها ما زالت قليلة التأثير مقارنة بجهود الآخرين.
ـ هناك حديث عن مخطط إسرائيلي لتقسيم السودان، ما تفسيرك لهذا الكلام؟
ما تسعي إليه إسرائيل هو تكوين ظهير مؤيد لها فى هذه المناطق، أما ما يتعلق بالتقسيم والسياسات الكبرى فهذه المسائل تقع فى أجندة الدول الكبرى.
ـ ما هي طبيعة علاقات الحركة الشعبية بأحزاب السودان الأخرى؟
هذا السؤال مهم من وجهة أن مثل هذه العلاقات هى التى تشكل النظام السياسي فى السودان، نعلم أن الحركة الشعبية دخلت فى تحالفات مع الأحزاب السودانية لأجل إسقاط الحكومة السودانية، ولكن هذه التحالفات كانت شديدة الاهتزاز وغير متجانسة وانفرط عقدها، ودخلت الحركة منفردة فى المفاوضات وبدت متباعدة مع الأحزاب السودانية، ويرجع هذا التباعد لأن المقومات الأساسية لأجندة الحركة تختلف مع أجندات الأحزاب الرئيسية كالاتحادي والأمة والمؤتمر الوطني والشيوعي.
ـ أين ترى جذور النزاعات والصراعات في السودان؟
السبب الرئيسي لأزمة السودان هو انه لم يتم تعريف السودان كدولة قطرية، فكل الخلافات تدور حول هذه القضية، ويتم تعريف الأزمات على أنها صراع بين شمال وجنوب، عرب وأفارقة، مسلمين وغير مسلمين، وهكذا، ولذلك فإنه من الضرورى وضع ميثاق وطنى يعالج هذه القضية.
التعليقات
إرسال تعليقك