الحضارة
سبق وريادة وتجديد
اهتمت الدولة الإسلامية في عهد الخلافة الراشدة والأموية والعباسية بالعلوم والمدنية كما اهتمت بالنواحي الدينية فكانت الحضارة الإسلامية حضارة تمزج بين العقل والروح، فامتازت عن كثير من الحضارات السابقة. فالإسلام دينٌ عالمي يحض على طلب العلم وعمارة الأرض لتنهض أممه وشعوبه، وتنوعت مجالات الفنون والعلوم والعمارة طالما لا تخرج عن نطاق القواعد الإسلامية؛ لأن الحرية الفكرية كانت مقبولة تحت ظلال الإسلام، وامتدت هذه الحضارة القائمة بعدما أصبح لها مصارفها وروافدها لتشع على بلاد الغرب وطرقت أبوابه، وهذه البوابة تبرز إسهامات المسلمين في مجالات الحياة الإنسانية والاجتماعية والبيئية، خلال تاريخهم الطويل، وعصورهم المتلاحقة.
ملخص المقال
قونية مدينة تركية تقع في وسط جنوب الأناضول، بلغت ذروة مجدها عندما كانت عاصمة الدولة السلجوقية، ويمتد تاريخها إلى 3 آلاف سنة ق.م.
تعتبر الفنادق مظهر من مظاهر الحضارة الإسلامية الراقية، وكان ذلك عند حديثنا عن أصبهان، وكان الفنادق فيها تمثل الجانب الحضاري المادي، لكثرة التجار الزائرين في أصبهان، والآن نتعرف على معلم جديد من معالم الحضارة الإسلامية في جانب الفنادق أيضًا، ولكن الفنادق الوقفية التي تقدم خدمة إعاشة للمسافرين دون مقابل.
ومعلمنا في هذا المقال في مدينة قونية بتركيا، وقونية مدينة تركية، تقع في وسط جنوب الأناضول حوالي 270 كم جنوب العاصمة أنقرة. بلغت ذروة مجدها عندما كانت عاصمة الدولة السلجوقية قبل الغزو المغولي. وهي مدينة عريقة جميلة يبلغ عدد آثارها التاريخية قرابة 4500 مبنى أغلبها خلال عصر السلاجقة. ويمتد تاريخها إلى 3 آلاف سنة ق.م؛ واسمها مشتق من الكلمة الإغريقية "أوكونيوم" بمعنى التمثال، وفتحها المسلمون على يد مروان بن محمد الأموي سنة 105هـ واستردها الروم بعد فترة وجيزة حتى أصبحت مدينة إسلامية بعدما فتحها سليمان بن قتلمش السلجوقي سنة 467هـ= 1075م، ثم تحولت عاصمة السلاجقة بعد إزنيك سنة 490هـ= 1094م، ثم أضحت عاصمة القرمانيين بعد سقوط السلاجقة سنة 703 هـ=1303م، ثم ضمها الفاتح إلى إمبراطوريته وحكمها حينها ابنه الأصغر چم.
معلم خان قرة طاي
أما المعلم هو معلم خان قرة طاي وأسسه الأمير الكبير جلال الدين قرطاي الذي وصف بأنه قدوة الزهَّاد، حيث رجلٌ خيِّرٌ دَيِّنٌ صائمُ الدهر، ممتنع عن أكل اللحم ومباشرة النساء، لم ينم في فراش وطيء وانما كان نومه على الصناديق في الخزانة.
كان جلال الدين قرطاي أصله روميّ على الأغلب، والبعض يقول أنه تركي من مماليك السلطان علاء الدين كيقباد الأول (616-634هـ) وتربيته كانت في فترة العصر الذهبي لسلاجقة الروم، وكان علاء الدين عاقلًا مهيبًا عادلًا.
بعد 10 سنوات من موت علاء الدين ولي السلطنة حفيدُه عزّ الدين كيكاوس بن كيخسرو الثاني (644- 655هـ) وكان الحكم مشترك مع أخوته، ثم انفراد بالحكم من 655 إلى 658هـ وكان جلال الدين قرة طاي مدبّره والأتابك له وكان له الحرمة الوافرة عند الجميع وشفقة عامّة تشمل الخاصّ والعامّ، ومع أن الفترة فترة ضعف، وسيطرة من التتار على الأمور، وصراع داخلي بين الأشقاء، إلا أن جلال الدين قرة طاي كان مجتهدًا قدر ما يستطيع في أعمال البر.
المعلم: خان قرة طاي
كان معلم خان قرة طاي على الأغلب جزء من مجمع خيري فيه مدرسة ما زالت موجودة بنيت عام 649هـ=1251م، وقد ورد في وثيقة وقف خان «قره طاي»:
1- يصرف إلى كل وارد ونازل ومتطرق بالخان المذكور: مسلمًا كان أو كافرًا، ذكرًا أو أنثى، حرًّا كان أو عبدًا في كل يوم من الخبز الجيد ثلاث أواقٍ (حوالي كيلو جرام)، كل أوقية مائة درهم، وقصعة من الطبيخ من أي طبيخ طُبخ، مع أوقية لحم (حوالي ربع كيلو جرام)، كما يتخذ بالخان المذكور في كل ليلة جمعة من الحلاوة العسلية ويُفَرِّق على الواردين والنازلين بالخان المذكور من غير امتياز[1].
[1] لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب اضغط هنا
التعليقات
إرسال تعليقك