التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
بوصول قريش إلى زعامة مكة وصلت أعظم القبائل العربية نسبًا وشرفًا إلى حكم مكة، وكانت هناك معايير للشرف في القبائل العربية.
بعد خروج قبيلة جرهم من مكة نتيجة الحرب مع خزاعة عاش في مكة مع مرور الوقت طائفتين من أولاد عدنان:
الطائفة الأولى: قبيلة قريش، وهي من أولاد مدركة بن إلياس بن مضر
والطائفة الثانية: خزاعة، وهي على الأغلب من أولاد قمعة بن إلياس بن مضر
وقد كانت السيطرة على مكة لخزاعة إلى ظهور قصي بن كلاب القرشي الذي نقل الزعامة إلى قريش بعد 300 سنة تقريبًا من سيادة خزاعة، إذن تاريخ الهيمنة على مكة والكعبة سار على هذا النحو: (إسماعيل عليه السلام – جرهم – العمالقة – جرهم – خزاعة – قريش)، وبوصول قريش إلى زعامة مكة وصلت أعظم القبائل العربية نسبًا وشرفًا إلى حكم مكة، وكانت هناك معايير للشرف في القبائل العربية، وهي معايير كانت موجودة أيضًا في العائلات الغربية الأوروبية، والفارسية، والروسية، والصينية القديمة، وغيرها من عائلات العالم القديم، وأهم تلك المعايير كالتالي:
1- قِدَم الميلاد: إلى الآن يفتخر التجَّار مثلًا بأن عملهم في هذا المجال منذ عقود أو قرون، وكذا الأسر السياسية، والأسر العلمية.
2- وثوق النسب: رأينا في نسب بعض القبائل الكبرى اختلافًا بين علماء النسب، فخزاعة قد تكون مضرية عدنانية، وقد تكون قحطانية، وكذا قضاعة، وغيرها.
3- كثرة العدد: سأل معاوية بن أبي سفيان جروة بنت مرة[1] عن بني تميم فقالت: «يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هم أكثر النَّاس عددًا، وأوسعهم بَلَدًا، وأبعدهم أمدًا. هم الذَّهَبُ الأحمر، والحسب الأفخر، وَالْعدَد الأكثر!» قَالَ: صدقت!
4- كثرة الزعماء، والسادات في العشائر
5- كثرة الحكماء، والشعراء، والعلماء، والفرسان: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في تعريف الكريم كما جاء في البخاري عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الكَرِيمُ، ابْنُ الكَرِيمِ، ابْنِ الكَرِيمِ، ابْنِ الكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ»[2].
6- كثرة الخير فيهم: حيث يتصفون بالصفات الخيَّرة مثل (الكرم – النخوة – الصدق – الأمانة – الشجاعة – السماحة - العفو- ...) روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ النَّاسِ أَكْرَمُ؟ قَالَ: «أَكْرَمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ» قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ: «فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ»، قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَالَ: «فَعَنْ مَعَادِنِ العَرَبِ تَسْأَلُونِي» قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «فَخِيَارُكُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا»[3].
7- قلة الشَّرِّ فيهم: وهذه مهمة لأن القبائل التي فيها شرٌّ -ولو كان قليلًا- تستنفر الشعراء لهجائها، فيُشْتَهر عند الناس مثلبةٌ لهم، أو مثالب، فينقص قدر القبيلة عن غيرها، على الرغم من خيرها الكثير، ولهذا فإن القبائل "الخاملة"، وهي القبائل التي لا يُشْتَهر فيها خيرٌ ولا شرٌّ تكون عند الناس أفضل من القبائل التي ذُكِر فيها بعض الشَّرِّ، وإن كانت أعلى نسبًا من القبائل الخاملة.
8- كثرة المال: قال تعالى وهو يصف نظرة الكفار إلى أنفسهم: {وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} [سبأ: 35]، فذكروا كثرة المال إلى جوار الكثرة العددية.
9- العزَّة: مثل بعدم الاسترقاق مثلًا، وقلة الهزائم أو انعدامها.
10- اللجوء للغير: بمعنى هل تلجأ القبائل إلى هذه القبيلة، وتلتصق بها، وتُنْسَب إليها على سبيل الولاء، أم تلجأ هذه القبيلة إلى غيرها، وتبحث عن الأمان في المجتمع بانتسابها إلى قبيلة أقوى.
11- رقي الطباع، ودماثة الأخلاق: روى الترمذي عَنْ أَبِي هريرة، أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَكْرَةً فَعَوَّضَهُ مِنْهَا سِتَّ بَكَرَاتٍ فَتَسَخَّطَهَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ فُلَانًا أَهْدَى إِلَيَّ نَاقَةً فَعَوَّضْتُهُ مِنْهَا سِتَّ بَكَرَاتٍ فَظَلَّ سَاخِطًا، لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أَقْبَلَ هَدِيَّةً إِلَّا مِنْ قُرَشِيٍّ أَوْ أَنْصَارِيٍّ أَوْ ثَقَفِيٍّ أَوْ دَوْسِيٍّ»[4].
وروى البخاري أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا، فَقَالَ الأَقْرَعُ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: «مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ»[5].
[1] جروة بنت مرة: تابعية تميمية اشتهرت بالفصاحة.
[2] البخاري: كتاب الأنبياء، باب أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت (3202).
[3] البخاري: كتاب التفسير، باب تفسير سورة يوسف (4412).
[4] الترمذي: كتاب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في ثقيف وبني حنيفة (3945)، وقال الألباني صحيح.
[5] البخاري: كتاب الأدب، باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته (5651). لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب اضغط هنا: معايير الشرف في القبائل العربية
التعليقات
إرسال تعليقك