جروح نازفة
جروح نازفة
باتت الأمة ممزقة، وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، وتناحرت في ما بينها وتنازعت، فصارت الجروح شتى في البلاد، والنزيف يتزايد بين العباد، وهذه بوابة تهتم بملفات المسلمين والبلاد الإسلامية في العالم، التي تنزف الجراح من احتلال المعتدين، أو خلافات المتناحرين، حروب وانقسامات، وتدمير وإرهاب.. كل ذلك في جروح نازفة.
ملخص المقال
رهبان بوذا وحربهم المقدسة تجاه مسلمي الروهينجا، مقال يحلل تظاهرات الرهبان البوذيين في بورما ضد منظمة التعاون الإسلامي.. فلماذا تظاهر الرهبان؟ وأين
بُحَّت أصوات أهل العلم والفضل والدين لتعريف الناس بمعاناة مسلمي بورما، وطلب العون والمدد لهم، وقد قامت منظمة التعاون الإسلامي بالحصول على موافقة من الحكومة البورمية -رغم تأخُّر الاستجابة- لفتح مكتب إغاثي لنجدة مسلمي الروهينجا، الذين يتعرضون لحرب إبادة من قبل الحكومة البورمية والجماعات البوذية المتطرفة.
ولأن من يُقدِّم العون منظمةٌ إسلامية لا ترفع صليبًا أو تلوح بنجمة سداسية ثارت ثائرة القوم، وتجمهر الآلاف منهم لمنع عمل منظمة التعاون الإسلامي وإغاثة المنكوبين، حيث شهدت بورما الجمعة الماضية تظاهرة لآلاف الرهبان البوذيين؛ للاحتجاج على فتح منظمة التعاون الإسلامي مكتب لها في بورما لمساعدة المسلمين الذين يتعرضون للقتل والتهجير.
فقد تجمع الرهبان في (ماندالاي) وهم يرفعون لافتات كتب عليها "لا لمنظمة التعاون الإسلامي في ميانمار"، بهدف منع أية خطة لفتح مكتب للمنظمة التي تضم 57 دولة إسلامية.
وقال أحد المسئولين عن التظاهرة: "لا يمكننا قبول منظمة التعاون الإسلامي هنا، سنواصل التظاهر إلى أن يتخلوا عن مشروعهم"، وأضاف: "إن منظمة التعاون الإسلامي لا تعمل من أجل حقوق الإنسان، بل من أجل حقوق المسلمين، نحن لا نثق بهم"!!
وهذه التظاهرة ليست الأولى لرهبان بورما، فقد سبق لهم أن تظاهروا تأييدًا لفكرة عنصرية طرحها رئيس بورما المتلوّن "ثين سين"، حيث اقترح الرئيس حلاًّ لمشكلة الروهينجا (من وجهة نظره)، بتجميعهم في مخيمات تديرها الأمم المتحدة، أو طردهم نهائيًّا من البلاد!
وقد لاقى هذا الاقتراح قبولاً وارتياحًا لدى طائفة البوذيين العنصرية، فطافت طوابير من رهبان بوذا بقمصانهم الحمراء شوارع "ماندالاي" في وسط البلاد، وضمت هذه التظاهرة مواطنين من غير الرهبان، واتسمت شعارات هذه التظاهرة بالعنصرية، حيث رفع فيها المتظاهرون لوحات تدعو إلى تبني فكرة الرئيس بطرد المسلمين من البلاد، إضافة إلى شعارات منددة بالمبعوث الخاص للأمم المتحدة الذي اتهمه المتظاهرون بالانحياز للمسلمين.
والغريب في الأمر أن الرئيس ثين سين كان قد سبق له أن اتهم الرهبان البوذيين والطائفة البوذية بصفة عامة وبعض الوجهاء في ولاية راخين (أراكان) باضطهاد المسلمين الروهينجا، وتأجيج مشاعر الكراهية والتمييز ضدهم، لكنه سرعان ما تراجع عن موقفه، وانحرف بشكل عجيب عن تصريحاته السابقة، وانقلب عليها انقلابًا تامًّا؛ إرضاءً للطائفة البوذية.
والأعجب من هذا أن إعلامنا ما زال يمارس سياسة الكذب متجاهلاً معاناة إخوتنا في بورما، فما زالت القنوات الخاصة الموجهة تتباكى على أذن المسيحي التي قطعت في شجار بين شخصين، والمرأة البغي التي أحرق الأهالي بيتها، والفتن المصطنعة التي كانت تُدار بأروقة الأنظمة الفاسدة في السابق!!
يتباكى الإعلام لصناعة هولوكست مسيحية وهميّة، في حين أننا نرى بأعيننا ونسمع ما يحدث للمسلمين في بورما من حملات قتل وتشريد وإبادة... فأين هذا الإعلام من قتل الأطفال واغتصاب النساء والتعدي على حقوق المسلمين العُزَّل؟!!
ولماذا لا يتناول الإعلام قضية مسلمي بورما باعتبارها قضية عنصرية طائفية، كما يتم التناول والتعامل مع أي قضية تحدث في عالمنا الإسلامي من قِبل المسلمين تجاه غيرهم؟! ولماذا تباكى إعلامنا على كسر تمثالين لبوذا، واعتبر الأمر من قبيل الإرهاب والتطرف، ولم يبدِ أيّ اهتمام بمذابح المسلمين في بورما التي يسهر عليها رهبان بوذا؟!
يذكر أن مسلمي بورما من الروهينجا يتعرضون منذ عدة شهور لحرب إبادة تشترك فيها الحكومة البورمية بالتعاون مع المتطرفين البوذيين، حيث أسفرت حملة التطهير العرقي الموجهة قِبَل المسلمين عن مقتل الآلاف منهم، وتشريد أكثر من 90 ألفًا آخرين، دون أن نرى أيّة ردة فعل لحمايتهم، ووقف آلة القتل التي تعمل فيهم ليل نهار.
المصدر: موقع مركز التأصيل للدراسات والبحوث.
التعليقات
إرسال تعليقك